من يحاسب حكومتنا علي جرائمها ضد الشعب

رفيع يفرق بين عصابة تفرض سطوتها علي البلاد والعباد وبين حكومة تدير شئون بلد ما، هذا الفارق هو ان العصابة لا تخضع للمحاسبة أو المساءلة ولهذا تفعل ما تشاء بمن تشاء، أما الحكومة فهي خاضعة للمساءلة والمراجعة والمحاسبة بل والعزل، وبالتالي فإذا لم يكن هناك سبيل لمحاسبة الحكومة ـ أية حكومة ـ فإنها تكون في الحقيقة عصابة.. وهذا هو حال الحكومة المصرية.

الدستور المصري يقر مبدأ محاسبة الوزراء ومحاكمة المسئولين حتي اعلي سلطة في الدولة، ولكن هذا المبدأ مازال حبرا علي الورق.. لماذا؟ لأنه معطل بأمر القانون!

فالقانون المصري يشترط لمحاكمة أي وزير في مصر أن يوافق نواب من البرلمان السوري علي تلك المحاكمة.. تخيلوا.. والسبب في هذا الشرط العجيب هو ان آخر قانون لمحاكمة الوزراء صدر عام 1958 ووقتها كانت مصر وسوريا موحدتين في دولة واحدة.. وما يزال ذات القانون ساريا حتي الآن، وبالتالي صارت محاكمة أي وزير أو مسئول كبير في مصر مستحيلة.

وليس هذا فقط، بل إن القانون يوفر الحماية أيضا لكبار صغار المسئولين إذ لا يحق تحويل مسئول في وزارة للمحاكمة إلا بعد موافقة الوزير نفسه!

أمام هذا الواقع الغريب يصير السؤال المطروح هو كيف يمكن محاسبة الحكومة؟ السؤال مطروح الآن وبقوة بعد ان تجاوزت جرائم حكومة نظيف كل الخطوط الصفراء والحمراء والسوداء.

فقائمة الجرائم التي ارتكبها الوزراء ـ فرادي وجماعات ـ كفيلة بمحاكمة كل وزير أمام محاكم الجنايات والقيم وأمن الدولة وجميع أنواع المحاكم.. يحاكمون بتهمة الفشل في إدارة البلاد.. وبإنهاك سيادة الدستور والقانون والحنث باليمين.. ويحاكمون بعدد الغرقي الذين ابتلعهم البحر اثناء فرارهم من جحيم العيش في مصر.. ويحاكمون بعدد الآباء الذين قتلوا أطفالهم بسبب الفقر.. وبعدد القتلي الذين سقطوا صرعي بسبب الإهمال في المرافق العامة وبعدد اطفال الشوارع وعدد الفقراء.

يحاكمون بسبب تبديدهم لثروات مصر وبيع ثروات مصر في مزادات علنية وبيعهم لغاز مصر للأعداء بتراب الفلوس.. يحاكمون بسبب الغلاء الذي شوي أجساد ملايين المصريين، وبسبب الاحتكار الذي قفز بأسعار الحديد والاسمنت وغيرها الي ارقام خيالية.

ويحاكمون.. ويحاكمون

ويبقي السؤال كيف نحاكم الحكومة؟.. إجابة السؤال هي محور قضية السبت لهذا الأسبوع